سورة التحريم - تفسير نيل المرام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التحريم)


        


الآيتان الأولى والثانية:
{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)}.
{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}: اختلف في سبب نزول الآية على أقوال:
الأول: قول أكثر المفسرين، قال الواحدي: قال المفسرون: كان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في بيت حفصة فزارت أباها، فلما رجعت أبصرت مارية في بيتها مع النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فلم تدخل حتى خرجت مارية، ثم دخلت. فلما رأى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في وجه حفصة الغيرة والكآبة قال لها: «لا تخبري عائشة ولك عليّ أن لا أقربها أبدا» فأخبرت حفصة عائشة- وكانتا متصافيتين- فغضبت عائشة، ولم تزل بالنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حتى حلف أن لا يقرب ماريّة، فأنزل اللّه هذه السورة.
قال القرطبي: أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في حفصة وذكر القصة.
وقيل: السبب أنه كان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش، فتواطأت عائشة وحفصة أن يقولا له إذا دخل عليهما: إنا نجد منك ريح مغافير.
وقيل: السبب المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وسنده ضعيف.
والجمع ممكن بوقوع القصتين: قصة العسل وقصة مارية، وأن القرآن نزل فيهما جميعا.
{تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ}: ومرضاة اسم مصدر وهو الرضا.
{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)}: لما فرط منك من تحريم ما أحل اللّه لك.
قيل: وكان ذلك ذنبا من الصغائر، فلذا عاتبه اللّه عليه، وقيل: إنها معاتبة على ترك الأولى.
{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ}: أي شرع لكم تحليلها وبين لكم ذلك، فكان اليمين عقد والكفارة حل، لأنها تحل للحالف ما حرمه على نفسه.
قال مقاتل: المعنى قد بين اللّه كفارة أيمانكم في سورة المائدة، أمر اللّه نبيه أن يكفر يمينه ويراجع وليدته فأعتق رقبة.
قال الزجاج: وليس لأحد أن يحرم ما أحل اللّه.
قلت: وهذا هو الحق، إن تحريم ما أحل اللّه لا ينعقد ولا يلزم صاحبه، فالتحليل والتحريم هو إلى اللّه سبحانه لا إلى غيره، ومعاتبته نبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في هذه السورة أبلغ دليل على ذلك، والبحث طويل والمذاهب فيه كثيرة والمقالات فيه طويلة، وقد حققه الشوكاني رحمه اللّه تعالى في مؤلفاته بما يشفي.
واختلف العلماء هل مجرد التحريم يمين يوجب الكفارة أم لا؟ وفي ذلك خلاف وليس في الآية ما يدل على أنه يمين لأن اللّه سبحانه عاتبه على تحريم ما أحله اللّه له، ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ}، وقد ورد في القصة التي ذهب أكثر المفسرين إلى أنها هي سبب نزول الآية أنه حرم أولا، ثم حلف ثانيا كما قدمنا.
{وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ}: أي وليكم وناصركم والمتولي لأموركم.
{وَهُوَ الْعَلِيمُ}: بما فيه صلاحكم وفلاحكم.
{الْحَكِيمُ (2)}: في أقواله وأفعاله.